بلاد لا تشبه الأحلام
من منطقة الجزيرة السوريّة، من طبيعتها الخاصّة وجبالها الجاثمة على الخرافة والسِحر كجبل سنجار، تنطلق هذه السيرة الذاتيّة بنفَسٍ روائيٍّ شاعريّ فريد، محاولةً إعادة إحياء تاريخٍ مهمَّشٍ للجزيرة، وراويةً حكاية أهل تلك المنطقة المغيّبة ثقافيًّا، ومضيئةً على شخوصها كالرعاة وشخصيّة اليزيدي الفذّة. وفي تناقضٍ ممتع، تنتقل نحو المدن في سوريا ولبنان وفلسطين، وفي أوروبا والعالم العربيّ، راصدةً ملامح اجتماعيّةً وثقافيّةً في تلك البلدان.
بالتنقّل بين القطارات والمطارات والمقاهي، ومن خلال اللقاءات بأناسٍ واستحضار بورتريهات شخصيّاتٍ سياسيّةٍ وفنّيةٍ كياسر عرفات ومحمود درويش.. يدوّن الكاتب شهادته على أحداث عاشها أو عايشها، مستعيدًا التاريخ السياسيّ للمنطقة، ومعرّجًا على الشيوعيّة والناصريّة والبعث وحرب الـ67 وانهيار الوَحدة بين سوريا ومصر.. في رؤية متكاملة لهذا التاريخ في الستينيّات والسبعينيّات.
وباعتماد التخييل الروائيّ، والانطلاق من الخاصّ إلى العامّ، ترتفع الرواية بالسرد إلى التوثيق لتاريخٍ ثقافيٍّ واجتماعيٍّ وسياسيّ.
في تجربة الكتابة هذه، التي تربط بين السيرة الذاتيّة والتاريخ الجماعيّ، فصولٌ لحكاية مسافرٍ اكتشف بعد رحلةٍ طويلة أنّ البلاد لا تشبه الأحلام. قد تكون أعلى قامة، أو على العكس، أقرب إلى الكوابيس.